معظمنا إن لم يكن كلنا شعر بآلام في ظهره ولو لمرات قليلة، وهناك قدر من المعاناة بالتأكيد مع كل نوبة ألم يتم الإحساس بها طالت أو قصرت.
في هذا المقال سنتحدث عن آلام الظهر و أنواعها و أسبابها المحتملة، وكيفية تصحيح العادات الضارة للوقاية من آلام الظهر، ثم سنتطرق إلى آخر ما تم التوصل إليه في الطرق العلاجية.
مم يتكون العمود الفقري ؟
يتكون العمود الفقري أو سلسلة الظهر من فقرات متصلة بعضها ببعض مقسمة على حسب الأماكن إلى خمس مناطق رئيسية : المنطقة العنقية و تتكون من سبع فقرات عنقية في الرقبة، و المنطقة الصدرية وتتكون من إثنى عشرة فقرة، ثم المنطقة القطنية وتتكون من خمس فقرات، و المنطقة العجزية و تتكون من خمس فقرات ملتحمة تماما فيما يعرف بالعَجُز و أخيرا العصعص، وهو نهاية العمود الفقري.
أسباب آلام الظهروتأثيرات
إحساس الألم من الأحاسيس الفريدة التي يشعر بها الإنسان، ويتميز بتعقيدات كثيرة على المستوى العصبي و الكيميائي بآليات مختلفة، ويختلف وصف كل شخص للألم على حسب درجة الألم و درجة الضرر والقدرة على التعبير.
أي ألم في الجسم لا يمثل مرضا في حد ذاته و إنما هو عرض تنبيهي برسالة إلى أن هناك ضررا ما أو أذى محتملا يجب أن يتنبه إليه الإنسان حتى يوقف ذلك الضرر الذي يمكن أن يتطور، وقد يؤثر في حياته على نحو خطير.
ويوجد الكثير من مشكلات الظهر التي تؤدي إلى آلام حادة مصحوبة تأثيرات عصبية حركية على مستوى الأطراف، ومن أشهر تلك المشكلات حدوث تمزق للأقراص، وفيه يقع ضغط مفاجئ على العمود الفقري فيحدث تمزق للحلقة المحيطة بالنواة المركزية في القرص، أيضا الألم القطني (lumbago) وهو ألم الظهر من أسفل قد يمتد إلى المؤخرة و الفخذين، وهو من المشكلات الشائعة الحادة التي تقل وتزيد على شكل موجات مع تقدم العمر.
ويتراوح تأثير الضرر في العمود الفقري على حسب المكان، فإذا كانت الفقرات العنقية هي المصابة بشدة فمن الممكن أن يكون الألم مصحوبا بشلل رباعي و تأثر عضلات التنفس، أما في بعض الفقرات العنقية فغالبا يكون الشلل مقتصرا على الرجلين فقط ولا يحدث ضررا للطرفين العلويين مطلقا.
آلام ظهرية مزمنة
الآلام المزمنة عادة تتميز بمستوى معين من الإحساس بالألم ليس بالحاد و لا بالضعيف و إنما هو درجة بينهما، ويستمر لسنوات عديدة أحيانا يستطيع الإنسان تجاهله و أحيانا يفشل.
والألم المزمن أسبابه عديدة، إما تخص العمود الفقري وحده، و إما من ضمن أعراض مرض نظامي آخر،فبعض الناس قد يصابون بألم مزمن نتيجة مرونة المفاصل بصورة مفرطة، وقد يولد البعض بعيوب خلقية مثل فقرة قطنية إضافية أو عدد أقل من الفقرات مما قد يؤثر في توازن الظهر ويؤثر في حركات الجسم ويسبب ألما مستمرا كذلك، وقد يولد بعضنا بضيق في فتوحات و ثقوب الفقرات التي تخرج منها الأعصاب والجذور العصبية.
أما الألم العصبي الليفي (fibromyalgie) فيعاني فيه المرضى من أجزاء ضعيفة في عظامهم تكون في أعلى المفاصل القطنية و مفاصل الأكتاف و الكوعين و الركبتين وتلك الأجزاء العظمية الضعيفة تبعث بألم مستمر في جميع أنحاء الظهر.
إقرأ أيضا :كيف اكتشف أول لقاح في العالم؟
العدوى و التهابات المفاصل من أشهر الأسباب التي قد تسبب آلاما مزمنة.
أمراض العظام نفسها قد تسبب آلاما مزمنة كمرض هشاشة العظام، ولين العظام بسبب نقص الكالسيوم وفيتامين (د)،وكذلك الأورام التي تبدأ العظام القوية بعظام ضعيفة.
حياة صحية بلا آلام الظهر
كثير من الأساليب الحياتية الخاطئة و العادات غير الصحية لها أكبر الأثر في مضاعفة آلام الظهر، وطريقة الوقوف و الجلوس مثلا من الأمور المهمة التي يتجاهلها الناس لبساطتها لكن طريقة الوقوف المتمايلة أو المنحنية أو المتراخية قد تسبب على المدى طويل تمددا للأربطة في العمود الفقري.
النوم على الأسرة ذات الفرش التي بها انخفاضات وارتفاعات أو التي تضغط جزء منها بسهولة نتيجة ضغط وزن الجسم في أثناء النوم يؤدي ذلك إلى انحناءات جانبية عديدة في الظهر.
و الأحذية غير الرياضية هي الأخرى مع الأوقات الطويلة تؤثر طبيعتها في الظهر وتحدث آلاما مع الوقت فعلى سبيل المثال: أحدية النساء ذات الكعب العالي تؤدي إلى إمالة الجزء العلوي إلى الخلف لتحقيق التوازن، وكلك الأحذية عامة ذات النعال الصلبة لا ينصح بها لأنها عند خفض القدم في أثناء المشي يحدث انتقال الارتطامات ميكانيكيا إلى عظام الظهر،لذلك يفضل انتعال الأحذية ذات النعال التي تمتص الصدمات أو الأحذية الرياضية بالمقارنة مع غيرها.
الأحمال الثقيلة و طريقة حملها هي أيضا من أشهر الأسباب التي تضر وتؤدي العمود الفقري وتسبب ألما شديدا، والطريقة الصحيحة لحمل شيء ثقيل هي التباعد بين القدمين و الجلوس مع ثني الفخذين بوضعية مستقيمة للعمود الفقري، حيث يتم حمل الوزن الثقيل بين اليدين بالقرب من الجسم و الوقوف به بوضعية مستقيمة.
أخيرا يجب ألا يتم الاستهانة بتلك العادات السيئة، لأن تأثيرها عند اجتماع أكثر من عادة معا يعادل الألم نفسه لأمراض أخرى.
آلام الظهر بين التشخيص و العلاج
يبدأ الطبيب بأخذ التاريخ المرضي للمريض و يسأل عن الألم و طبيعته ومتى بدأ، وعما إذا كانت هناك أعراض أخرى مصاحبة للألم أم لا؟
و الجزء الآخر من التشخيص هو الفحوصات المعملية سواء عن طريق التحاليل أو الأشعة، في تحاليل الدم قد يلجأ إليها على نحو روتيني إلا أن ألم الظهر في أغلب الأحيان يكون نتيجة لأسباب آلية في العمود الفقري، لكن أصبح الأكثر استعمالا و أكثر دقة هما الأشعة المقطعية و أشعة الرنين لأنهما تظهران تفاصيل دقيقة جدا مثل الخطوط والحدود الداخلية الفقرات العظمية و الأقراص و الغضاريف، ومن ثم تحدد بدقة ما إذا كان السبب عظمية أو غضروفية أو أنه في القناة الشوكية أو في الفتحات و الجذور العصبية.
علاج آلام الظهر
علاج آلام الظهر يكون على حسب السبب أن كان من السهل تحديده، وعامة تمارس الطرق العلاجية نفسها غالبا في مختلف الأسباب مثل استخدام العلاج الطبيعي الذي زادت قيمته العلاجية في الآونة الأخيرة، إذ أصبح قادرا في حالات عديدة على إعادة الحركة طبيعيا مرة أخرى، وهناك أشكال مختلفة للعلاج الطبيعي متل التعرض الحراري (مصباح الأشعة تحت الحمراء) أو العلاج بكمادات الثلج، أو رش مهدئ، أو العلاج بالموجات فوق الصوتية، أو بالتدليك، وبالطبع في الأمراض المزمنة لا تقوم تلك الوسائل بالعلاج الكامل، وإنما تسهم في استرخاء العضلات وتهدئة الألم الناجم عنها وتمهيد للطرق الجراحية والدوائية.
العلاج الدوائي عموما لا يتعدى دوره تسكين الألم و تخفيف حدة الالتهابات مثل الباراسيتامول و الأسبرين، أما الحل الجراحي فإنه يستخدم كثيرا جدا في حالات انزلاق الفقرات و تمزق الأقراص و غيرها، و يتم اللجوء إلى عمليات إزالة القرص أو إزالة الأجزاء العظمية المضيقة على الأعصاب أو عمليات دمج الفقرات إذا كانت هناك حركة مفرطة.
وختاما
من الأفكار الشائعة أن آلام الظهر لا تصيب إلا كبار السن و المتأخرين من الشباب فقط، أما الأطفال فهم محصنون ضدها !
وهذه فكرة خاطئة تماما، إذ أن الإحصائيات أظهرت اضطرار نحو ربع الأطفال إلى الذهاب للطبيب أو فقدان بعض الوقت الدراسي بسبب معاناة مع آلام الظهر، ولعل سبب ذلك هو الوسائل التعليمية غير الصحية التي يتم استخدامها في المدارس مثل الأثاث المدرسي و حقائب الكتب وعدم ممارسة الأنشطة الرياضية على نحو كاف، لذا من المهم أن يتنبه المسؤولون و الآباء إلى تصحيح ذلك من أجل أطفال أصحاء.