هارون بن مشعل .. المغربي الذي حاول يأسس دولة يهودية في المغرب

 كاد أن يؤسس لدولة يهودية في المغرب مستعينا بابنته زوليخة في إدارة الحكم والتي تسببت في مقتله لاحقا، بعد أن عشقت جاسوسا مسلما.

كان ابن مشعل فاحش الثراء دنيء النفس، إقطاعي طالما و يهودي كرهه اليهود قبل المسلمين، تبرء منه ومن سيرته مؤرخ اليهود دانييل شروتر، فقد كان في الليل سكيرا ماجنا و في الصباح إقطاعي ظالم، فما هي الظروف التي ساعدته على تأسيس دولته اليهودية المستقلة ؟ وهل كنا سنشهد إسرائيل في المغرب بدلا من فلسطين ؟

عرف المغرب الأقصى في عهد السعديين أحداثا سياسية بارزة من بينها قضية العرائش سنة 1610م وهي واحدة من النوازل السياسية الكبرى في المغرب ومن نتائجها تدهور الاقتصاد المغربي بفعل تدهور صناعة السكر وانخفاض مداخيل التجارة الصحراوية، كما عانى المغرب من تعاقب فترات الجفاف وانتشار المجاعات و الأوبئة.

بدأت هذه المحنة بعد موت أشهر السلاطين الدولة السعدية السلطان المنصور السعدي فاشتد الصراع بين ورثته على العرش و تنازع أبنائه على الحكم وبدأت القبائل تخرج عن السيطرة وتوزعت المناطق بين الزوايا و المجاهدين وقوى سياسية محلية عديدة وكان من هذه القوى هارون بن مشعل المولود بمدينة وجدة وسط عائلة يهودية لها خبرة كبيرة في التجارة ورث عن عائلته الثروة والمجد وعاش في قلعته الحصينة و من حوله الحراس و المؤن الكبيرة التي سلبها من السكان اليهود و المسلمين بعد أن أجبرهم دفع ضرائب باهظة.

استبد ابن مشعل بالناس جميعا ولم يفرق بين كبير أو صغير ومن أحد أغرب طقوسه أنه كان يجبر القبائل على إهدائه فتاة عذراء مسلمة كل عيد حصاد يهودي.

استغل ابن مشعل فرصة اختلال الأمور في آواخر الدولة السعدية ونصب نفسه حاكما على منطقة تازة يأمر فيطاع ويفعل ما يشاء.

إسرائيل في المغرب

بدأت تزيد ثروة هارون بن مشعل يوما بعد يوم ما مكنه من شراء العتاد و الأسلحة و المقاتلين كانت ابنته زليخة تساعده في توطيد حكمه، فقد كانت تعمل كمترجمة للوفود الاوروبية التي كانت تأتيه.

يقول المؤرخ عبد الهادي التازي " إن دولة إسرائيل كانت بالفعل على وشك أن تقتحم تازة ثم تعم فاساً لتنساب منها إلى البلاد الأخرى "، فقد كانت كل الأحداث تجري بما يتماشى مع طموح هارون ابن مشعل، فالبلاد في حالة فوضى وهو يملك الأرض و المال و الثروة وبالرغم من أنه كان حاكما ظالما إلا أنه عمل على نشر دعاية إيجابية عن الإصلاحات التي سيعمل على تحقيقها.

وفي أحد الأيام كان ابن مشعل مارا بأحد شوارع المدينة فرأ امرأة تحمل جرة ماء فطلب منها أن تسقيه وهو بذلك يختبر مدى حبها له رفضت المرأة طلبه وردا على جوابها قتل إبنها الصغير، فعادت المرأة إلى القرية لتأليب الناس ضده.

تزامنت هذه الحادثة مع بداية صعود الدولة العلوية وتقدم قوات هارون بن مشعل للسيطرة على فاس، كان يومها الرشيد بن الشريف طالبا بجامعة القرويين بفاس وهو على معرفة بتصرفات ونوايا هارون من خلال الجاسوس المسلم الذي أحبته زليخة إبنة هارون، فأدخلته القصر و أسكنته معها جعلته يحضر حفلات والدها التي كان يقيمها كل ليلة، وكان ينقل كل التفاصيل التي يراها إلى الرشيد.

وفي إحدى السهرات الماجنة التي كان يقيمها هارون بن مشعل تنكر الرشيد بزي فتاة مهدات إليه بينما إختبأ أصدقائه الطلاب الذين جمعهم لمساعدته في صناديق وتمكنوا من اختراق قلعة ابن مشعل المحصنة و القضاء عليه.

لم يؤكد المؤرخون صحة هذه القصة من عدمها وإنما المؤكد أن الرشيد تمكن من القضاء على حلم هارون وقتله، لم تكن نهاية إبن مشعل عام 1663م نهاية لمستبد ظالم فقط بل شكلت نقطة فاصلة في مسار التاريخ المغربي، حيث استفاد الرشيد من أملاك ابن مشعل لتجهيز جيش قوي سار به نحو فاس كما تقوى بإنضمام القبائل إليه كـ قبائل أحواز تازة و قبائل الأحلاف وبذلك أصبح السلطان المولى الرشيد المؤسس الفعلي للدولة العلوية واستطاع إعادة توحيد المغرب بعد حروب استمرت 7 أعوام وعرفت البلاد خلال فترة حكمه إزدهارا كبيرا بعد فترة طويلة من الحروب الأهلية.

برأيك لو لم يقتل المولى الرشيد هارون بن مشعل قبل أن تتنامى سلطته هل كنا سنشهد دولة يهودية في المغرب ؟