قصة مقولة : ابكي كالنساء على ملك لم تحافظ عليه كالرجال

 

قصة مقولة : ابكي كالنساء على ملك لم تحافظ عليه كالرجال

الرجل الذي بكى كالنساء على ملك لم يحافظ عليه كالرجال، قصة ضياع آخر جزء من الأندلس.


بعد أن فقد الرجل ملكه و أضاع آخر قطعة من الأندلس، خرج أبو عبد الله الصغير إلى تلة تطل على مدينة غرناطة كانت تلك آخر لحظاته في المكان قبل أن يطرد منه، نظر إلى المدينة من بعيد و بكى فجاءته والدته و قالت له : ابكي كالنساء على ملك لم تحافظ عليه كالرجال، فما هي قصة أبو عبد الله الصغير الرجل الذي أضاع مدينة غرناطة آخر ممالك الأندلس؟.


بعد قرون من القوة والازدهار في الأندلس انقسمت الدولة التي كانت عظيمة في يوم من الأيام إلى ممالك متشرذمة و متناحرة، انشغلت خلافاتها الداخلية عن الخطر الخارجي الداهم الذي يهددهم فاحتلتها الممالك المسيحية واحدة تلو الأخرى.


سقطت كل الأندلس ولم يبقى منها سوى مملكة واحدة في غرناطة، في بداية الأمر حافظت غرناطة على قوتها صدت هجمات الممالك المسيحية خصوصا مملكة قشتالة و بالرغم من إجبار قشتالة لغرناطة على دفع الجزية لها إلا أنها لم تتمكن من حكمها و بنى سكانها تحصينات قوية و قنوات مياه و مزارع ساعدتهم على الاكتفاء ذاتيا و الصمود.


واستمدت المملكة الدعم من ملوك بني مرين المغاربة الذين أمدوها بكل ما تحتاجه لمواجهة أي غزو خارجي، لكن الأمور لم تمضي طويلا على تلك الشاكلة.


ففي عام 1482 استلم أبو عبد الله محمد الثاني عشر السلطة وهو في عمر الـ 25، كان أبو عبد الله حاكما ضعيفا ليس له القدرة على قيادة تلك المرحلة الحاسمة، فوصفه ملك قشتالة بالصغير، أما أهل غرناطة فوصفوه بالزوغبي أي المشؤوم أو التعيس.


وفي عهده دارت الخلافات بينه و بين أبيه أبي الحسن علي بن سعد و عمه أبي عبد الله محمد الزغل و دبت الغيرة بينهم، وانصرف أهل غرناطة للترف و اللهو و اللعب بدلا من التأهب للمعركة القادمة خصوصا أن الممالك المسيحية بدأت بالاستعداد و التجمع لتوجيه الضربة الأخيرة للمسلمين في الأندلس أما الأسوء، فكان انقطاع الدعم من قبل ملوك بني مرين الذين انشغلوا هم أيضا خلافاتهم.


الضربة القاضية كانت حين اجتمعت مملكة ليون و قشتالة تحت راية واحدة بعد أن تزوج فرديناند ملك ليون و أراجون إيزابيلا ملكة قشتالة و أعلنا قيام تحالف قوي ضد المسلمين.


استفاق المسلمون في غرناطة على الحقيقة المؤلمة، في جحافل الجيوش المسيحية تزحف نحو مدينتهم، حاول المسلمون الدفاع عن مدينتهم باستمامة، لكن دون جدوى، فاستسلم أبو عبد الله الصغير خاضعا ذليلا للصليبين ووقع معهم مرغما اتفاقية مكونة من سبعة و ستين شرطا منها تأمين المسلمين على دينهم و و أموالهم و عقيدتهم و حرياتهم لم يتم تنفيذ شيء منها.


وقرر الصليبيون طرده إلى المغرب و كان آخر ما فعله أن خرج إلى مكان مرتفع و نظر مدينته الجميلة التي ضاعت من يده وبكى ولحقته والدته عائشة الحرة و قالت له قولتها الشهيرة : "ابكي كالنساء على ملك لم تحافظ عليه كالرجال".


سمي ذلك المكان ب "زفرة المسلم الأخيرة".


غادر من كان ملكا إلى مدينة فاس في المغرب ليصبح لاجئا لا حول ولا قوة له و عاش أولاده حياة صعبة فقيرة حتى أنهم أخذوا من مال الصدقة المخصص للفقراء.


تعليقات