لماذا تفشى وباء كورونا (كوفيد-19) في إيطاليا؟



هذه الصورة  في الأسفل التقطت في مدينة ميلانو الإيطالية يظهر فيها زعيم الحزب الديمقراطي الحاكم نيكولا زينغاريتي وهو يدعوا الإيطاليين إلى الإستمرار في حياتهم اليومية بشكل عادي.




دعونا لا نفقد عاداتنا، لا يمكننا إيقاف ميلانو و إيطاليا، إن اقتصادنا أقوى من الخوف : نخرج للشرب أو لاحتساء القهوة أو لتناول البيتزا 
نيكولا زينغاريتي

الصورة نشرت بتاريخ 27 فبراير 2020، في ذالك الوقت كان عدد المصابين بفيروس كورونا (كوفيد-19) حوالي 650 إصابة ولم يكن عدد الوفيات يتجاوز ال 20 حالة وفاة، وقبل ذالك بأيام قليلة فقط أعلنت إيطاليا عن أولى الإصابات المسجلة محليا (21 فبراير 2020)، وبعدها بيوم واحد سجلت حالتا وفاة.

باولوجينتيلوني- مفوض الشؤون الإقتصادية في الاتحاد الأوروبي 
لا يوجد سبب للذعر على الإطلاق، يجد سبب للتضامن مع الضحيتين اللتين فقدناهما بسبب فيروس كورونا خلال هذه الأسابيع.
تتالت الحالات بسرعة وبدأ الفيروس بالتفشي في لومبارديا وهي منطقة شمال إيطاليا عاصمتها ميلانو.
الحكومة بدأت اتخاذ إجراءات طارئة و إغلاق مدن شمالية لحصر الانتشار وبالتزامن مع ذالك بدأت بعض الدول تخشى قدوم مسافرين من إيطاليا وتحذر من الذهاب إلى البلد الذي صار بؤرة انتشار في أوروبا، لكن رد الحكومة وقتها كان مطمئناً.

جوزيبي  كونتي – رئيس الوزراء الإيطالي 


إيطاليا بلد آمن، بلد يمكن للمرء السفر إليه و يمكن أن يأتي إليه للسياحة، هناك مناطق محدودة جدا من أراضينا تخصع في الوقت الحالي لقيود حركة الأشخاص.
هل تذكرون الرجل الذي تحدثنا عنه في بداية قصتنا ؟

ظهر لاحقا للإعلان عن إصابته بفيروس كورونا، ومع تزايد الحالات وتنقلها بات أحد أكبر المخاوف مؤكدا، التفشي لا يهدد الشمال الإيطالي فقط، فبعد حوالي شهر فقط من إعلان إيطاليا عن أولى الحالات تجاوز عدد الإصابات 53 ألفاً وعدد الوفيات حوالي 5000 وفاة بمعدل ارتفاع يومي متزايد، بينما قدر عدد الحالات التي شفيت ب 6000 حالة شفاء.

تراكمت التوابيت بسبب قائمة الدفن الطويلة و الجيش ينقل الجاثمين  إلى محارق في مناطق مختلفة بسبب العدد الكبير.

فكيف خرجت الأمور عن السيطرة في إيطاليا ؟

الوباء بدأ بالانتشار في مدن شمال إيطاليا، حيث توجد ميلانو المدينة التي تعج بالحركة والمحرك الاقتصادي للبلاد، أي أنها مكان مساعد للانتشار السريع، البعض يرجع الوضع الحالي في إيطاليا إلى ارتفاع متوسط أعمار المواطنين، بما أن إيطالي تعد البلد الثاني عالميا من حيث نسبة السكان المتقدمين في العمر ( المصدر : مكتب المراجع السكانية ) بعد اليابان، لكن اليابان مثلا لم تعرف تفشيا مماثلا لحد الآن.

و أضاف خبراء أن إيطاليا تتميز أيضا بالترابط العائلي و الثقافي بين الأجيال، أي بين الشباب و أقاربهم الأكبر سناً.

وجهت انتقادات للمسؤولين في إيطاليا لتقليلهم من حجم الخطر و البطء في التعامل مع التفشي، لم يفرض الحجر في عموم البلاد إلا بعد تجاوز عتبة 9000 إصابة مؤكدة، خطوة وصفت بالمتأخرة مقارنة مع سرعة انتشار الفيروس في البلاد.

ضريبة التأخر في الاستجابة يدفعها النظام الصحي في إيطاليا، أطباء يجبرون على ترك المسنين للموت ( المصدر: نيويورك تايمز ) أو إرسال مصابين يعانون التهابا رئويا إلى منازلهم.

النظام الصحي شمال إيطاليا بدأ ينهار، ومن المرجح أن يتزايد الضغط مع إصابة عدد من العاملين في المجال الطبي بسبب الظروف التي يجدون أنفسهم مجبرين على العمل فيها.

النظام الصحي شمال إيطاليا يعتبر جيدا لكنه لم يعد قادرا على استعاب الأزمة، وهنا يدق الخبراء ناقوس الخطر إذ إن تفشي الفيروس في مناطق فقيرة الجنوب سيشكل كارثة أكبر.

تعددت تفسيرات الوضع الحالي، هناك من يقول أنها مسألة حظ سيء لأن عدداً من المصابين وصلوا إلى البلاد قبل غيرها و إن إسبانيا مثلا تسير في نفس خط إيطاليا مع تزايد عدد الإصابات والوفيات بشكل كبير.

عموما تجربة إيطاليا أظهرت أن التأخر في عزل المصابين وتقييد حركة الناس وتطبيق الإجراءات الصارمة كان له ثمن باهظ و لربما تتيح تجربتها رؤية أفضل لباقي الدول.